بيوت الصائمات
البرنامج اليومي للمرأة المسلمة في رمضان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين , وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :
فيلاحظ
في أيام رمضان ّ على بعض المسلمين والمسلمات , أنه تمضي عليهم أيام الصيام
وهم في تفريط وتقصير , واشتغال فيما لا يعود عليهم بالنفع في الدنيا
والآخرة , وعدم تنافس في الخيرات وارتكاب للمحرمات من السماع للزمر والطرب ,
أو النظر إلى ما حرم الله عليهم , ومن أجل ذلك أحببت أن أضع للأخت المسلمة
برنامجا يومياً تقضي فيه وقتها فيما ينفعها , ويرقي درجاتها في الجنة
يبتديء من السحر إلى السحر , اجتهدت فيه ما استطعت , فإن أصبت فمن الله ,
وإن أخطأت فمن نفسي المقصرة والشيطان .
* قبل الفجر :
يسن
للمسلمة أن تتسحر , لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك , كما في حديث أنس
بن مالك – رضي الله عنه - : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) متفق عليه
ويحصل
السحور بما تيسر من الطعام , ولو على تمر لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه
–أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نعم سحور المؤمن فإن لم تجد التمر
شربت قليلاً من الماء , لتحصل لها بركة السحور .
والسنة للمسلمة تأخير السحور , ما لم تخش طلوع الفجر , لما ثبت في ذلك من الأحاديث الصحيحة
منها
حديث أنس بن زيد بن ثابت قال : ( تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم
قام إلى الصلاة , قلت : كم كان بين الأذان والسحور ؟ قال : قدر خمسين آية
متفق علية .
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يؤخرون السحور , كما
روى عمرو بن ميمون , قال : ( كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس
إفطاراً وأبطأهم سحوراً {رواه البيهقي بسند صحيح }
ولعل الحكمة من تأخير السحور هي
1- أن السحور يراد به التقوي على الصيام , فكان تأخيره أنفع للصائم
2- أن الصائم لو تسحر قبل طلوع الفجر بوقت طويل ربما نام عن صلاة الفجر
* أذان الفجر :
الواجب
على المسلمة إذا تحققت من طلوع الفجر أن تمسك عن الأكل والشرب , وإذا سمعت
المؤذن فمن السنة أن تردد معه ألفاظ الأذان . ثم تدعو بما ورد ( اللهم رب
هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة , آت محمداً الوسيلة والفضيلة , وابعثه
مقاماً محموداً الذي وعدته , إنك لا تخلف الميعاد ) لتحصل لها شفاعة النبي
صلى الله عليه وسلم , ثم تصلي راتبة الفجر , تقرأ في الركعة الأولى : ( قل
يأيها الكافرون ) {الكافرون 1 } وفي الثانية : ( قل هو الله أحد ) الإخلاص 1
} وسنة الفجر ينبغي المحافظة عليها , فلقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم
لا يدعها سفراً ولا حضراً .
روى البخاري ومسلم عن عائشة – رضي الله
عنها – قالت : ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد
تعاهداً منه على ركعتي الفجر , والسنة أن تقرأ سورة طويلة من المفصل – إن
تيسر ذلك – وإلا فمما تيسر معها من القرآن .
وبعد الانصراف من صلاة الفجر تحرص على الأوراد والأذكار التي تقال عقب الصلوات من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير .
ويمكن
للأخت المسلمة الاطلاع عليها في كتيب : ( صحيح الكلم الطيب ) أو غيره من
كتب الأذكار المخرجة , وبعدها تقرأ أوراد الصباح , لتكون في حرز من الشيطان
, وحصن حصين من الشرور والسنة للمسلم والمسلمة أن يمكث في مصلاه إلى طلوع
الشمس , وارتفاعها قيد رمح , يذكر الله – تعالى – ثم يصلي ركعتين , ليكتب
له أجر حجة وعمرة تامة تامة . لما روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع
الشمس )
ولحديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ( من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس
ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجةوعمرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (
من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين
كانت له كأجر حجة وعمرة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تامة تامة
{رواه الترمذي }
وتشغل
في جلوسها بقراءة القرآن , حفظاً إن كانت حافظة , أو بمراجعة الحفظ , وإلا
قرأت من المصحف ما تيسر لها , وإن لم تكن تعرف القراءة فيمكنها أن تستمع
إليها من قارئ أو شريط أو تشتغل بشيء من الأذكار , ومن ذلك أن تقول : ( لا
إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )
مائة مرة . وبعدها تقول : ( سبحان الله وبحمده ) مائة مرة . ليحصل لها ما
وعد النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة – رضي
الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال : لا إله
إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ,
في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب , وكتب له مائة حسنة , ومحيت عنه
مائة سيئة , وكانت له حرزاً من الشيطان في يومه ذلك , حتى يمسي , ولم يأت
أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ) وقال : ( من قال : سبحان الله
وبحمده , في يوم مائة مرة حطت خطاياه , وإن كانت مثل زبد البحر )
وقول
: (لا حول ولا قوة إلا بالله ) , لأنها كنز من كنوز الجنة , فقد أوصى
النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري حيث قال له : (( ألا أدلك على
كنز من كنوز الجنة ، قلت : بلى يا رسول الله ، قال : قل لا حول ولا قوة إلا
بالله )) .
وإن
خير ما يقضى به وقت المسلم والمسلمة ، بأحب الكلام إلى الله ، وهو ما ثبت
في المسلم من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم (( أحب الكلام إلى الله تعالى أربع : سبحان الله ، والحمد
الله ، ولا إله إلا الله والله أكبر ، لا يضرك بأيهن بدأت )) .
إلى غير ذلك من الأذكار والأدعية والأوردة .
وبعد
طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح ، تصلي الصائمة ركعتين ، أو ما شاءت من
ركعات ، ثم تأخذ قسطاً من الراحة والنوم ، ولا تنسى الأذكار الواردة عن
النوم ، من قراءة آية الكرسي ، وقولها: ((باسمك اللهم أحيا وأموت )) .
قراءة
المعوذات ، والنفث في اليدين ، ومسح الجسد بيديها ، كما ثبت في الصحيحين
عن عائشة – رضي الله عنها - (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
أخذ مضجعه نفث في يديه ، وقرأ بالمعوذات ، ومسح بهما جسده ))
وقولها : الحمد الله الذي أطعمنا وسقانا ، وكفانا ، وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى )) وغيرها كثير .
واحرصي
على أن تعلمي أولادك هذه الأذكار عند نومهم ؛ لأن ذلك من التربية لهم ،
والدعوة إلى الله ، وفيها حفظ لهم وحرز من الشيطان ، وتعويد لهم على طاعة
الله .
* صلاة الظهر :
أختي المسلمة :
إن لم تكوني مرتبطة بدوام أو دراسة ، فاستيقظي قبل الظهر ، ولو بزمن يسير
لتصلي سنة الضحى ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها عدداً من الصحابة
– رضي الله عنهم – وليس لها عدد معين .
فإذا أذن الظهر فاستمعي له ، وقولي مثل ما يقول المؤذن ، وادعي بما ورد بعد الأذان .
ثم
صلى سنة الظهر القبلية ، وهي أربع ركعات ثم صلي الظهر وبعدها صلي ركعتين .
وإن شئت أربع ركعات ، وهو أفضل . ولا تنسي الأوراد عقب الصلوات ، وأن
تقرئي ما تيسر من القرآن .
أختاه :
احرصي على إيقاظ أولادك وإخوانك لأداء الصلاة سواء الظهر ، أو العصر ، أو غيرهما ، فإن هذا من التعاون على البر والتقوى .
بيوت الصائمات :
إن
رمضان شهر القرآن ، فالله أنزل فيه كتابه ، قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ
الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ
الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } . وأمر المسلم بقراءته ، ورغب أن يجعل لبيته
قسطاً من القراءة القرآن .
فينبغي للصائمة أن تجعل لها حزباً يومياً من
كتاب الله ، تقرؤه في أثناء نهارها وليلها ، وأوقات فراغها ، فلا أقل من
أن تختم القرآن في شهر ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن
عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – وإن قرأته في نصف شهر أو أسبوع ، أو
ثلاثة أيام ، فهو أفضل ، فقد كان عبد الله بن عمرو وتميم الداري – رضي الله
عنهما –يختمان كل ثلاثة أيام ، وبين لنا صلى الله عليه وسلم أن البيت الذي
يقرأ فيه القرآن لا يقربه الشيطان ، ولقراءتك للقرآن تأثير على الأطفال
والصغار ، إذ يسمعون آيات الله تتلى عليهم ، وقراءة القرآن سبب لنزول رحمة
الله عليكم .
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا
يدخله الشيطان )) .
وإن نعمة الله علينا في هذا العصر وجود إذاعة
القرآن ، وأشرطة القرآن ، والمحاضرات المتوافرة في كل مكان ، فيمكن للأخت
المسلمة أن تسمع آيات الله طيلة وقتها ، وتسمع كل خير عن طريق هذه الأجهزة وكم
من الأخوات لا يستطعن القراءة من المصحف ، وعوضها الله بسماع هذه الأشرطة
الطبية ، فتزداد أجراً وثواباً بسبب سماعها ، وبهذه الوسيلة يصبح البيت
يدوي فيه القرآن دوي النحل ، بدلاً من أن يُدوي فيه الزمر والطرب .....
فقد كانت بيوت الصحابة مليئة بذكر الله – تعالى – فلنحرص على أن نكون مثلهم .
* صلاة العصر
إذا
أذن العصر فرددي مع المؤذن كما يقول ، وصلي أربع ركعات قبل الفريضة ، لما
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( رحم الله امرءاً صلى قبل
العصر أربعاً )) { رواه أبو داود والترمذي بسند حسن } ، ثم صلي الفريضة ،
ولا تنسي الأذكار عقب الصلاة ، وبعدها تنطلق الأخت إلى إعداد ما تحتاجه
الأسرة من الطعام دون مبالغة ولا إسراف . واحتسبي في إعدادك للطعام ، وأنك
تقومين على خدمة صائمين ، فلك أجر عظيم بهذا العمل ، ويمكن إشغال سمعك بما
ينفع من سماع لإذاعة القرآن أو شريط إسلامي .
* فرحة الصائمة :
وقبيل
المغرب تنتظر الصائمة المؤذن ، حيث امتنعت عن الأكل والشرب طيلة يومها ،
استجابة لربها ، وعليك أختي المسلمة أن تشغلي هذا الوقت بالدعاء فإنه وقت
إجابة كما ورد .
فإذا أذن المؤذن استحب لها تعجيل الفطر ، كما روى
البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور )) ، ولا
تغفلي عن البسملة قبل الأكل ، وأفطري على تمر – إن تيسر – ثم رددي مع
المؤذن ما يقول ،واسألي الله الوسيلة ، والفضيلة ، لنبيك محمد صلى الله
عليه وسلم .
* ملاحظة :
يلاحظ
على كثير من البيوت قبل الإفطار أنهم يضعون موائد كبيرة ومتنوعة الأصناف ،
مما يؤدي إلى التأخر عن صلاة المغرب ، أو فوات تكبيرة الإحرام ، أو بعض
الركعات ، أو فوات الصلاة بالكلية ، وهذا لا ينبغي في غير رمضان ، فكيف في رمضان ؟!
أختي المسلمة :
كوني عوناً لأهل بيتك في طاعة الله ، فقدمي لهم طعاماً يسذ جوعهم ، واتركي
الباقي بعد صلاة المغرب ؛ لأن ترك الصلاة مع الجماعة معصية ، وخطر عظيم .
كما
أُذكرك أن لا تنسي الأذكار بعد الإفطار بعد أن أذهب الله عنك الظمأ ،
وابتلت العروق ، ومن هذه الأذكار ما رواه عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما
– قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر : (( ذهب الظمأ ،
وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى )) ٍ[ رواه أبو داود
والنسائي بسند حسن ]
وقوله : (( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا ، وجعلنا مسلمين ))
بعد الإفطار أدي صلاة المغرب في أول وقتها ، والأوراد التي بعدها ، وأذكار المساء ..
ثم
صلي راتبة المغرب ، وما بين المغرب والعشاء يكمل الصائم أو الصائمة وجبة
الإفطار ، وما بقي يمكن شغله مع الأهل بفائدة ، إما بدرس القرآن ، أو بقصة
صحابي أو سرد غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم . قال علي بن الحسين –
رضي الله عنه - : كانوا يعلموننا المغازي والسير ، كما يعلموننا السورة من
القرآن .
فإذا أذن للعشاء فاستمعي للأذان ورددي معه وقولي ما ورد ، ثم أدي صلاة العشاء وسنتها التي بعدها .
* صلاة التراويح :
أختي المسلمة :
إن مما تميز به رمضان صلاة التراويح ، إذ ورد في فضلها أحاديث كثيرة ،
منها ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من قام
رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه )) أي إيماناً بالله ،
وما أعده من الثواب للقائمين ،واحتساباً أي : طلباً لثواب الله ، لم يحمله
على أدائها رياء ولا سمعة ، ولا غير ذلك .
والسنة للمرأة أن تصليها في
منزلها ، وهو أفضل لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تمنعوا إماء
الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن )) .
وعددها إحدى عشر ركعة ، تسلم من
كل اثنتين ، والسنة إطالة القراءة فيها ، لا العجلة ونقرها كنقر الغراب ،
وللمرأة أن تصلي التراويح في المسجد ، وإذا صلت في المسجد فليكن مع إمام
حسن الصوت ، ليؤثر
القرآن على قلبها وجوارحها ، كما قال تعالى : {وَإِذَا تُلِيَتْ
عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ } وقال :{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ
خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً}
ولا تنصرف من الصلاة حتى ينصرف الإمام من
آخر ركعة ، ليكتب لها قيام ليلة كاملة ، فإذا سلم الإمام من وتره وسلمت
قالت : سبحان الملك القدوس ، ثلاثة مرات .
* تنبيه :
إذا
خرجت المرأة للصلاة في المسجد فلا يجوز لها أن تخرج متزينة أو متبرجة أو
متعطرة لما في ذلك من المفاسد العظيمة ، فإن بيوت الله مواطن عبادة لا
صالات فرح وتجمل .
* بعد التراويح إلى السحر
كثير
من الصائمين والصائمات يسهرون الليل كله ، إما في مباح ، أو محرم ، مما
يضطرهم إلى نوم غالب النهار ، فيضيعون عليهم كثيراً من أعمال الخير !!
فمنهم
من يسهر ليله على المعاصي والآثام ، إما بزيارات يتخللها كلام في أعراض
الناس من غيبة أو سخرية أو نميمة أو غيرها . وإما في جلوس عند أجهزة اللهو
أو الطرب ، أو متابعة الأفلام الماجنة ، أو قراءة لمجلات ساقطة هابطة لا
خير فيها في الدنيا ولا في الآخرة ، أو خروج للأسواق من غير حاجة ماسة
وتضييع للأوقات .
فنقول لهؤلاء : أين أنتم من سيرة السلف ولياليهم –
رضي الله عنهم – إذ يقضون غالب أوقاتهم في طاعة الله ، وينامون جزءاً منه ،
ليتقووا على فعل الخيرات والمنافسة في الطاعات .
إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال للأمة مرغباً في شغل أوقاتها في كل خير : (( فأروا الله من أنفسكم خيراً ))
ونقول
لهؤلاء : اتقوا الله في رمضان ، ولا تضيعوا أوقاته فيما لا ينفع ، وفيما
لا يكون سبباً لمغفرة ذنوبكم ، فاجتنبوا المعاصي والآثام صغيرها وكبيرها .
* أعمال يمكن للمسلمة أن تشغل وقتها بها في رمضان :
1.
زيارة أقاربها ، وصلة أرحامها ، وتكون مشتملة على النصح والتوجيه ، وإهداء
الأشرطة المناسبة لهم ، من قرآن ، ومحاضرات ، وكتيبات صغيرة . قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : (( الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعة الله )) [ رواه البخاري ومسلم ].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سره أن يبسط الله في رزقه ، وأن ينسأ له في أثره ؛ فليصل رحمه )) [ رواه البخاري ومسلم ].
2.
زيارة الجيران لا لتضييع الوقت ، وإنما امتثالاً لحديث النبي صلى الله
عليه وسلم : (( لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) .
وهذه الزيارة يكون شيء من الإهداء والتعاون على البر والتقوى والتناصح .
3.
محاولة حفظ شيء من القرآن ولو قليلا، لتكوني من خير هذه الأمة ، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم( خيركم من تعلم القرآن و علمه )).أو حفظ بعض
أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
4.
التعاون بين الأخوات لوضع درس علمي بينهن في بعض ليالي رمضان ، لتحفهن
الملائكة ، وتغشاهن الرحمة ، وتنزل عليهن السكينة ، ويذكرهن الله فيمن عنده
.
5. حضور المحاضرات والدروس المقامة في بعض المساجد – إن تيسر ذلك – لتتفقه في دينها ، لأنهم هم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
6. سماع بعض الأشرطة ، ومحاولة تلخيصها ، والاستفادة منها . وأعني بها أشرطة الدروس لا المحاضرات .
7. وضع برنامج لها لقراءة بعض الكتب ، وبحث بعض المسائل العلمية ، وإن كان الأفضل إشغال وقتها بتلاوة القرآن أو حفظه .
8.
إذا كانت الأخت تحسن قراءة القرآن ، فينبغي لها أن تجعل لها حلقة لتدريس
القرآن الكريم ، لأهل بيتها أو جيرانها ، لما في ذلك من الثواب العظيم .
9.
الجلوس مع أولادها أو إخوانها لتربيتهم على حب الله ورسوله صلى الله عليه
وسلم ، وحب الطاعات ، وعلى الأخلاق الفاضلة ، والآداب الإسلامية ، إما
بتحفيظهم لبعض الآيات أو بعض الأدعية والأذكار ، أو قص بعض القصص الإسلامية
.
فكم
من أخوات تظن أن التربية للأولاد في إعداد الطعام ، وتنظيف الملابس وغيرها
، وتنسى تربية القلب والروح ، وهذا من الجهل بالتربية الحقيقية .
البرنامج اليومي للمرأة المسلمة في رمضان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين , وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :
فيلاحظ
في أيام رمضان ّ على بعض المسلمين والمسلمات , أنه تمضي عليهم أيام الصيام
وهم في تفريط وتقصير , واشتغال فيما لا يعود عليهم بالنفع في الدنيا
والآخرة , وعدم تنافس في الخيرات وارتكاب للمحرمات من السماع للزمر والطرب ,
أو النظر إلى ما حرم الله عليهم , ومن أجل ذلك أحببت أن أضع للأخت المسلمة
برنامجا يومياً تقضي فيه وقتها فيما ينفعها , ويرقي درجاتها في الجنة
يبتديء من السحر إلى السحر , اجتهدت فيه ما استطعت , فإن أصبت فمن الله ,
وإن أخطأت فمن نفسي المقصرة والشيطان .
* قبل الفجر :
يسن
للمسلمة أن تتسحر , لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك , كما في حديث أنس
بن مالك – رضي الله عنه - : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) متفق عليه
ويحصل
السحور بما تيسر من الطعام , ولو على تمر لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه
–أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نعم سحور المؤمن فإن لم تجد التمر
شربت قليلاً من الماء , لتحصل لها بركة السحور .
والسنة للمسلمة تأخير السحور , ما لم تخش طلوع الفجر , لما ثبت في ذلك من الأحاديث الصحيحة
منها
حديث أنس بن زيد بن ثابت قال : ( تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم
قام إلى الصلاة , قلت : كم كان بين الأذان والسحور ؟ قال : قدر خمسين آية
متفق علية .
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يؤخرون السحور , كما
روى عمرو بن ميمون , قال : ( كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس
إفطاراً وأبطأهم سحوراً {رواه البيهقي بسند صحيح }
ولعل الحكمة من تأخير السحور هي
1- أن السحور يراد به التقوي على الصيام , فكان تأخيره أنفع للصائم
2- أن الصائم لو تسحر قبل طلوع الفجر بوقت طويل ربما نام عن صلاة الفجر
* أذان الفجر :
الواجب
على المسلمة إذا تحققت من طلوع الفجر أن تمسك عن الأكل والشرب , وإذا سمعت
المؤذن فمن السنة أن تردد معه ألفاظ الأذان . ثم تدعو بما ورد ( اللهم رب
هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة , آت محمداً الوسيلة والفضيلة , وابعثه
مقاماً محموداً الذي وعدته , إنك لا تخلف الميعاد ) لتحصل لها شفاعة النبي
صلى الله عليه وسلم , ثم تصلي راتبة الفجر , تقرأ في الركعة الأولى : ( قل
يأيها الكافرون ) {الكافرون 1 } وفي الثانية : ( قل هو الله أحد ) الإخلاص 1
} وسنة الفجر ينبغي المحافظة عليها , فلقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم
لا يدعها سفراً ولا حضراً .
روى البخاري ومسلم عن عائشة – رضي الله
عنها – قالت : ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد
تعاهداً منه على ركعتي الفجر , والسنة أن تقرأ سورة طويلة من المفصل – إن
تيسر ذلك – وإلا فمما تيسر معها من القرآن .
وبعد الانصراف من صلاة الفجر تحرص على الأوراد والأذكار التي تقال عقب الصلوات من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير .
ويمكن
للأخت المسلمة الاطلاع عليها في كتيب : ( صحيح الكلم الطيب ) أو غيره من
كتب الأذكار المخرجة , وبعدها تقرأ أوراد الصباح , لتكون في حرز من الشيطان
, وحصن حصين من الشرور والسنة للمسلم والمسلمة أن يمكث في مصلاه إلى طلوع
الشمس , وارتفاعها قيد رمح , يذكر الله – تعالى – ثم يصلي ركعتين , ليكتب
له أجر حجة وعمرة تامة تامة . لما روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع
الشمس )
ولحديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ( من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس
ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجةوعمرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (
من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين
كانت له كأجر حجة وعمرة , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تامة تامة
{رواه الترمذي }
وتشغل
في جلوسها بقراءة القرآن , حفظاً إن كانت حافظة , أو بمراجعة الحفظ , وإلا
قرأت من المصحف ما تيسر لها , وإن لم تكن تعرف القراءة فيمكنها أن تستمع
إليها من قارئ أو شريط أو تشتغل بشيء من الأذكار , ومن ذلك أن تقول : ( لا
إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )
مائة مرة . وبعدها تقول : ( سبحان الله وبحمده ) مائة مرة . ليحصل لها ما
وعد النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة – رضي
الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال : لا إله
إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ,
في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب , وكتب له مائة حسنة , ومحيت عنه
مائة سيئة , وكانت له حرزاً من الشيطان في يومه ذلك , حتى يمسي , ولم يأت
أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ) وقال : ( من قال : سبحان الله
وبحمده , في يوم مائة مرة حطت خطاياه , وإن كانت مثل زبد البحر )
وقول
: (لا حول ولا قوة إلا بالله ) , لأنها كنز من كنوز الجنة , فقد أوصى
النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري حيث قال له : (( ألا أدلك على
كنز من كنوز الجنة ، قلت : بلى يا رسول الله ، قال : قل لا حول ولا قوة إلا
بالله )) .
وإن
خير ما يقضى به وقت المسلم والمسلمة ، بأحب الكلام إلى الله ، وهو ما ثبت
في المسلم من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم (( أحب الكلام إلى الله تعالى أربع : سبحان الله ، والحمد
الله ، ولا إله إلا الله والله أكبر ، لا يضرك بأيهن بدأت )) .
إلى غير ذلك من الأذكار والأدعية والأوردة .
وبعد
طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح ، تصلي الصائمة ركعتين ، أو ما شاءت من
ركعات ، ثم تأخذ قسطاً من الراحة والنوم ، ولا تنسى الأذكار الواردة عن
النوم ، من قراءة آية الكرسي ، وقولها: ((باسمك اللهم أحيا وأموت )) .
قراءة
المعوذات ، والنفث في اليدين ، ومسح الجسد بيديها ، كما ثبت في الصحيحين
عن عائشة – رضي الله عنها - (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
أخذ مضجعه نفث في يديه ، وقرأ بالمعوذات ، ومسح بهما جسده ))
وقولها : الحمد الله الذي أطعمنا وسقانا ، وكفانا ، وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى )) وغيرها كثير .
واحرصي
على أن تعلمي أولادك هذه الأذكار عند نومهم ؛ لأن ذلك من التربية لهم ،
والدعوة إلى الله ، وفيها حفظ لهم وحرز من الشيطان ، وتعويد لهم على طاعة
الله .
* صلاة الظهر :
أختي المسلمة :
إن لم تكوني مرتبطة بدوام أو دراسة ، فاستيقظي قبل الظهر ، ولو بزمن يسير
لتصلي سنة الضحى ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بها عدداً من الصحابة
– رضي الله عنهم – وليس لها عدد معين .
فإذا أذن الظهر فاستمعي له ، وقولي مثل ما يقول المؤذن ، وادعي بما ورد بعد الأذان .
ثم
صلى سنة الظهر القبلية ، وهي أربع ركعات ثم صلي الظهر وبعدها صلي ركعتين .
وإن شئت أربع ركعات ، وهو أفضل . ولا تنسي الأوراد عقب الصلوات ، وأن
تقرئي ما تيسر من القرآن .
أختاه :
احرصي على إيقاظ أولادك وإخوانك لأداء الصلاة سواء الظهر ، أو العصر ، أو غيرهما ، فإن هذا من التعاون على البر والتقوى .
بيوت الصائمات :
إن
رمضان شهر القرآن ، فالله أنزل فيه كتابه ، قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ
الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ
الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } . وأمر المسلم بقراءته ، ورغب أن يجعل لبيته
قسطاً من القراءة القرآن .
فينبغي للصائمة أن تجعل لها حزباً يومياً من
كتاب الله ، تقرؤه في أثناء نهارها وليلها ، وأوقات فراغها ، فلا أقل من
أن تختم القرآن في شهر ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن
عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – وإن قرأته في نصف شهر أو أسبوع ، أو
ثلاثة أيام ، فهو أفضل ، فقد كان عبد الله بن عمرو وتميم الداري – رضي الله
عنهما –يختمان كل ثلاثة أيام ، وبين لنا صلى الله عليه وسلم أن البيت الذي
يقرأ فيه القرآن لا يقربه الشيطان ، ولقراءتك للقرآن تأثير على الأطفال
والصغار ، إذ يسمعون آيات الله تتلى عليهم ، وقراءة القرآن سبب لنزول رحمة
الله عليكم .
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا
يدخله الشيطان )) .
وإن نعمة الله علينا في هذا العصر وجود إذاعة
القرآن ، وأشرطة القرآن ، والمحاضرات المتوافرة في كل مكان ، فيمكن للأخت
المسلمة أن تسمع آيات الله طيلة وقتها ، وتسمع كل خير عن طريق هذه الأجهزة وكم
من الأخوات لا يستطعن القراءة من المصحف ، وعوضها الله بسماع هذه الأشرطة
الطبية ، فتزداد أجراً وثواباً بسبب سماعها ، وبهذه الوسيلة يصبح البيت
يدوي فيه القرآن دوي النحل ، بدلاً من أن يُدوي فيه الزمر والطرب .....
فقد كانت بيوت الصحابة مليئة بذكر الله – تعالى – فلنحرص على أن نكون مثلهم .
* صلاة العصر
إذا
أذن العصر فرددي مع المؤذن كما يقول ، وصلي أربع ركعات قبل الفريضة ، لما
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( رحم الله امرءاً صلى قبل
العصر أربعاً )) { رواه أبو داود والترمذي بسند حسن } ، ثم صلي الفريضة ،
ولا تنسي الأذكار عقب الصلاة ، وبعدها تنطلق الأخت إلى إعداد ما تحتاجه
الأسرة من الطعام دون مبالغة ولا إسراف . واحتسبي في إعدادك للطعام ، وأنك
تقومين على خدمة صائمين ، فلك أجر عظيم بهذا العمل ، ويمكن إشغال سمعك بما
ينفع من سماع لإذاعة القرآن أو شريط إسلامي .
* فرحة الصائمة :
وقبيل
المغرب تنتظر الصائمة المؤذن ، حيث امتنعت عن الأكل والشرب طيلة يومها ،
استجابة لربها ، وعليك أختي المسلمة أن تشغلي هذا الوقت بالدعاء فإنه وقت
إجابة كما ورد .
فإذا أذن المؤذن استحب لها تعجيل الفطر ، كما روى
البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : (( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور )) ، ولا
تغفلي عن البسملة قبل الأكل ، وأفطري على تمر – إن تيسر – ثم رددي مع
المؤذن ما يقول ،واسألي الله الوسيلة ، والفضيلة ، لنبيك محمد صلى الله
عليه وسلم .
* ملاحظة :
يلاحظ
على كثير من البيوت قبل الإفطار أنهم يضعون موائد كبيرة ومتنوعة الأصناف ،
مما يؤدي إلى التأخر عن صلاة المغرب ، أو فوات تكبيرة الإحرام ، أو بعض
الركعات ، أو فوات الصلاة بالكلية ، وهذا لا ينبغي في غير رمضان ، فكيف في رمضان ؟!
أختي المسلمة :
كوني عوناً لأهل بيتك في طاعة الله ، فقدمي لهم طعاماً يسذ جوعهم ، واتركي
الباقي بعد صلاة المغرب ؛ لأن ترك الصلاة مع الجماعة معصية ، وخطر عظيم .
كما
أُذكرك أن لا تنسي الأذكار بعد الإفطار بعد أن أذهب الله عنك الظمأ ،
وابتلت العروق ، ومن هذه الأذكار ما رواه عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما
– قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر : (( ذهب الظمأ ،
وابتلت العروق ، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى )) ٍ[ رواه أبو داود
والنسائي بسند حسن ]
وقوله : (( الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا ، وجعلنا مسلمين ))
بعد الإفطار أدي صلاة المغرب في أول وقتها ، والأوراد التي بعدها ، وأذكار المساء ..
ثم
صلي راتبة المغرب ، وما بين المغرب والعشاء يكمل الصائم أو الصائمة وجبة
الإفطار ، وما بقي يمكن شغله مع الأهل بفائدة ، إما بدرس القرآن ، أو بقصة
صحابي أو سرد غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم . قال علي بن الحسين –
رضي الله عنه - : كانوا يعلموننا المغازي والسير ، كما يعلموننا السورة من
القرآن .
فإذا أذن للعشاء فاستمعي للأذان ورددي معه وقولي ما ورد ، ثم أدي صلاة العشاء وسنتها التي بعدها .
* صلاة التراويح :
أختي المسلمة :
إن مما تميز به رمضان صلاة التراويح ، إذ ورد في فضلها أحاديث كثيرة ،
منها ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من قام
رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه )) أي إيماناً بالله ،
وما أعده من الثواب للقائمين ،واحتساباً أي : طلباً لثواب الله ، لم يحمله
على أدائها رياء ولا سمعة ، ولا غير ذلك .
والسنة للمرأة أن تصليها في
منزلها ، وهو أفضل لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا تمنعوا إماء
الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن )) .
وعددها إحدى عشر ركعة ، تسلم من
كل اثنتين ، والسنة إطالة القراءة فيها ، لا العجلة ونقرها كنقر الغراب ،
وللمرأة أن تصلي التراويح في المسجد ، وإذا صلت في المسجد فليكن مع إمام
حسن الصوت ، ليؤثر
القرآن على قلبها وجوارحها ، كما قال تعالى : {وَإِذَا تُلِيَتْ
عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ } وقال :{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ
خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً}
ولا تنصرف من الصلاة حتى ينصرف الإمام من
آخر ركعة ، ليكتب لها قيام ليلة كاملة ، فإذا سلم الإمام من وتره وسلمت
قالت : سبحان الملك القدوس ، ثلاثة مرات .
* تنبيه :
إذا
خرجت المرأة للصلاة في المسجد فلا يجوز لها أن تخرج متزينة أو متبرجة أو
متعطرة لما في ذلك من المفاسد العظيمة ، فإن بيوت الله مواطن عبادة لا
صالات فرح وتجمل .
* بعد التراويح إلى السحر
كثير
من الصائمين والصائمات يسهرون الليل كله ، إما في مباح ، أو محرم ، مما
يضطرهم إلى نوم غالب النهار ، فيضيعون عليهم كثيراً من أعمال الخير !!
فمنهم
من يسهر ليله على المعاصي والآثام ، إما بزيارات يتخللها كلام في أعراض
الناس من غيبة أو سخرية أو نميمة أو غيرها . وإما في جلوس عند أجهزة اللهو
أو الطرب ، أو متابعة الأفلام الماجنة ، أو قراءة لمجلات ساقطة هابطة لا
خير فيها في الدنيا ولا في الآخرة ، أو خروج للأسواق من غير حاجة ماسة
وتضييع للأوقات .
فنقول لهؤلاء : أين أنتم من سيرة السلف ولياليهم –
رضي الله عنهم – إذ يقضون غالب أوقاتهم في طاعة الله ، وينامون جزءاً منه ،
ليتقووا على فعل الخيرات والمنافسة في الطاعات .
إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال للأمة مرغباً في شغل أوقاتها في كل خير : (( فأروا الله من أنفسكم خيراً ))
ونقول
لهؤلاء : اتقوا الله في رمضان ، ولا تضيعوا أوقاته فيما لا ينفع ، وفيما
لا يكون سبباً لمغفرة ذنوبكم ، فاجتنبوا المعاصي والآثام صغيرها وكبيرها .
* أعمال يمكن للمسلمة أن تشغل وقتها بها في رمضان :
1.
زيارة أقاربها ، وصلة أرحامها ، وتكون مشتملة على النصح والتوجيه ، وإهداء
الأشرطة المناسبة لهم ، من قرآن ، ومحاضرات ، وكتيبات صغيرة . قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : (( الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعة الله )) [ رواه البخاري ومسلم ].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سره أن يبسط الله في رزقه ، وأن ينسأ له في أثره ؛ فليصل رحمه )) [ رواه البخاري ومسلم ].
2.
زيارة الجيران لا لتضييع الوقت ، وإنما امتثالاً لحديث النبي صلى الله
عليه وسلم : (( لا يزال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )) .
وهذه الزيارة يكون شيء من الإهداء والتعاون على البر والتقوى والتناصح .
3.
محاولة حفظ شيء من القرآن ولو قليلا، لتكوني من خير هذه الأمة ، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم( خيركم من تعلم القرآن و علمه )).أو حفظ بعض
أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
4.
التعاون بين الأخوات لوضع درس علمي بينهن في بعض ليالي رمضان ، لتحفهن
الملائكة ، وتغشاهن الرحمة ، وتنزل عليهن السكينة ، ويذكرهن الله فيمن عنده
.
5. حضور المحاضرات والدروس المقامة في بعض المساجد – إن تيسر ذلك – لتتفقه في دينها ، لأنهم هم القوم لا يشقى بهم جليسهم .
6. سماع بعض الأشرطة ، ومحاولة تلخيصها ، والاستفادة منها . وأعني بها أشرطة الدروس لا المحاضرات .
7. وضع برنامج لها لقراءة بعض الكتب ، وبحث بعض المسائل العلمية ، وإن كان الأفضل إشغال وقتها بتلاوة القرآن أو حفظه .
8.
إذا كانت الأخت تحسن قراءة القرآن ، فينبغي لها أن تجعل لها حلقة لتدريس
القرآن الكريم ، لأهل بيتها أو جيرانها ، لما في ذلك من الثواب العظيم .
9.
الجلوس مع أولادها أو إخوانها لتربيتهم على حب الله ورسوله صلى الله عليه
وسلم ، وحب الطاعات ، وعلى الأخلاق الفاضلة ، والآداب الإسلامية ، إما
بتحفيظهم لبعض الآيات أو بعض الأدعية والأذكار ، أو قص بعض القصص الإسلامية
.
فكم
من أخوات تظن أن التربية للأولاد في إعداد الطعام ، وتنظيف الملابس وغيرها
، وتنسى تربية القلب والروح ، وهذا من الجهل بالتربية الحقيقية .